Commentary

كيف تموّل السوق السوداء للنفط في العراق الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام؟

تحدّث لؤي الخطيب إلى الـ سي إن إن عن تأثير تقدم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش) في شمال العراق وسيطرتها على بعض حقول النفط. شرح كيف استخدم أفراد هذا التنظيم حقول النفط للحصول على التمويل، وكيف من الممكن أن يؤثر ذلك على الأسعار العالمية. هذه نسخة منقّحة من الحوار.

سي إن إن: ما هي الحصة التي يسيطر عليها تنظيم داعش من سوق النفط العراقي ؟

لؤي الخطيب: تسيطر داعش على مساحات هامشية من الحقول في شمال العراق، إلا أنها كافية لتأمين الاكتفاء الذاتي للمجموعة الإرهابية. قبل شهرٍ، قُدِّرت قيمة سوق النفط التي تسيطر عليها داعش في العراق بنحو مليون دولار يومياً. اليوم، ومع التوسع والسيطرة على حقول نفط إضافية وطرق التهريب، يُعتقد أن هذه السوق تجمع حوالي 2 مليون دولار يومياً. وبهذا يتوفر بين يدي داعش 370 مليون دولار سنوياَ، وهو مبلغ كافٍ للاستمرار بالعملية ما وراء العراق. 

تقاتل داعش للحصول على بيجي ولا تزال المصفاة تحت الحصار. ولكن، في حال نجحت داعش في السيطرة عليها، سيكون من الصعب جداً على المصفاة أن تعمل من دون فريق عمل قادر وتقني.

ومن العوامل المهمة الضرورية لاستقرار الأسواق العالمية: لم تصل داعش بعد إلى جنوب العراق الذي يضم الجزء الأهم من نفط البلاد. وقد تكون السيطرة على الأصول الجنوبية للبلاد مهمة يستحيل على التنظيم تنفيذها. تقع المنطقة على مسافة بعيدة من خطوط الصدع، ويسيطر عليها الشيعة، الأمر التي يُصَعِّب على الجماعة السنية المسلحة السيطرة عليها. 

سي إن إن: ماذا تفعل داعش بالنفط الذي تسيطر عليه؟

لؤي الخطيب:تهرب داعش النفط الخام وتقايضه بالسيولة والمنتجات المكررة بأسعار مخفضة. علاوة على ذلك، يمتلك التنظيم مصافي تحضيرية صغيرة في سوريا. ثم يعود النفط المكرر إلى داعش لتتمكن من بيعه محلياً، في العراق وسوريا. كما تستخدم داعش النفط في معاركها. 

تسيطر داعش على طرقات التهريب والنفط الخام المنقول بالناقلات إلى الأردن عبر محافظة الأنبار، وإلى إيران عبر كردستان، وإلى تركيا عبر الموصل، وإلى أسواق سوريا المحلية وإلى منطقة كردستان العراق، حيث يتمّ تكرير معظمه محلياً. 

غضت تركيا نظرها عن الأمر وقد تستمر على هذه الحال إلى أن يمارس الغرب عليها بعض الضغط لإغلاق أسواق النفط السوداء في جنوب البلاد. 

سيبقى نفط داعش محصوراً ضمن هذه الأسواق السوداء، ولن يحظى التنظيم بأي فرصة لإرساء شبكة أنابيب متطورة. تتميز شبكات التوزيع الثابتة بالتعقيد، وتتطلب استثماراً وقد تتحول إلى أهداف للجيش العراقي والبشمركة الكردية.

سي إن إن: ما هو هدف داعش الأكبر وكيف تؤثر الثروة النفطية على هذا الهدف؟ 

لؤي الخطيب: في الوقت الراهن، تحاول داعش تأسيس دولة ذات اكتفاء ذاتي ورأسمال في ما يُعرف باسم “المثلث السني” (غرب العراق وشماله)، وسيشكل إنتاج النفط جزءاً من ذلك. 

يرمي التنظيم إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتوسيع رقعة الأراضي التي يسيطر عليها، وضمّ المزيد من الجهاديين إلى صفوفه – مع التركيز على المتطرفين الحاملين جوازات سفر أجنبية – وتوسيع عملياته، لشنّ هجمات محتملة على الدول الغربية.   

أعلنت داعش خلافتها من خلال تحويل العراق وسوريا إلى معقلٍ لجذب المتطرفين. يرغب التنظيم بالسيطرة على شبه الجزيرة العربية كمركز رئيس لشنّ الهجمات عالمياً. 

في حال حصل ذلك، سيسيطر أفراد التنظيم على منطقة تضمّ 60 بالمئة من احتياطيات الطاقة التقليدية في العالم وتنتج 40 بالمئة من الإنتاج العالمي للنفط والغاز. 

والطريقة الوحيدة لفعل ذلك تكون من خلال جذب أعداد من الجهاديين والمتطرفين من مختلف أنحاء العالم للتفوق عددياً على السكان المحليين، الأمر الذي قد يهدد الأمن والاقتصاد العالميين. 

سي إن إن: كيف تؤثر سيطرة داعش على بعض حقول النفط العراقية على الاقتصاد العالمي؟

لؤي الخطيب: على المدى القصير إلى المتوسط، سيكون التأثير محدوداً لا سيما وأن جنوب العراق هو المنتج الأبرز. ولكن، ثمة أصول غنية كافية في الأراضي الوسطى والمناطق الشمالية من العراق التي قد تصل إليها داعش، والتي تشكّل قدرةً محتملة يمكن أن تزيد لتصل إلى نحو مليون برميل يومياً – علماً أن الكمية الراهنة تصل إلى 30 ألف برميل يومياً – في حال سيطر التنظيم على مدينة كركوك الغنية بالنفط والمناطق المحيطة بها.

في حال نجح التنظيم في السيطرة على تلك الأصول، قد يساهم تدفق النقد في توسيع إمبراطورية الإرهاب توسعاً يفوق الخيال. ولكن حتى الآن، بقيت تجارة النفط التي تقودها داعش محلية تقتصر على بعض المشترين في الأردن وتركيا وسوريا وإيران عبر شبكة وسطاء ومالكي شاحنات. 

إلا أنّ انعدام الاستقرار الذي خلّفته حالة التفكك في العراق قد يترك تأثيراً مضاعفاً في ما يتعلق بإعاقة إمكانية الاستثمار في البلاد. كذلك، قد يمنع ذلك العراق من تحقيق هدفه للعام 2020 بإنتاج 9 ملايين برميل من النفط يومياً، أي ثلاثة أضعاف إنتاج النفط الراهن في العراق و10 بالمئة من الطلب العالمي.